[center]تعتبر سيرة حياة القديسة مريم التائبة التى كانت زانية ورافقت الأقباط الزائرين لأورشليم الراحلين عن طريق مراكب فى البحر لإغوائهم وعندما حاولت دخول كنيسة القيامة منعتها قوة فنذرت نفسها لحياة الطهارة وذلك سنة 382 م هى أصل القصة الإسلامية رابعة العدوية
الراهب القس زوسيما الذى حكى للعالم جهاد القديسة مريم القبطية
يتذكر الأقباط قصة الراهب الذى كتب سيرة القديسة مريم المصرية التائبة العابدة الناسكة السائحة فى يوم 9 برمودة من كل عام ويتلى عليهم أثناء صلاة القداس الراهب هو القس زوسيما ..
ولد هذا القديس في أواسط الجيل الرابع للميلاد من أبوين مسيحيين قديسين من أهل فلسطين . وفي السنة الخامسة من عمره سلماه لراهب شيخ قديس . فرباه تربية مسيحية وعلمه العلوم الدينية وبعد قليل رسموه شماسا . وصار راهبا تقيا فنما في الفضيلة نموا زائدا .
هائنذا أرسلنى
وكان دائم التسبيح والقراءة فى الكتب المقدسة والكتب الروحية نهارا وليلا ، وكان يعمل أعمالاً شاقة حتى لا يعطى لجسده راحه ويتنعم , ولما أكمل خمسا وثلاثين سنة في الدير رسموه قسا فتزايد في نسكه وزهده وجهاده وبعد أن قضي كذلك ثلاث عشرة سنة كان يتقدم فى الفضائل الروحية وينموا فى النعمة .
ولكن حدث أن زرع العدو في فكره أنه قد أصبح يفوق كل أهل زمانه في التقوى والفضيلة ولكن شاءت إرادة الرب أن يردة إلى الفكر الصحيح ويرجعه عن عن هذا الظن فأرسل إليه ملاكا قائلاً له :
" يا مسكين .. يازوسيما !! يقيناً أنك فعلت كل ما فى إستطاعة أى بشر ..
حقاً لقد عبرت حسناً بكل ميادين الحكمة الرهبانية , ولكن منْ من بين البشر يستطيع الإدعاء بانه كامل ؟
إن الطريق الذى أكملته لن يرتقى بل أنه لا يعد شيئاً ولا يقارن بالمتبقى عليك أن تكمله , ينبغى لك أن تتعلم أن الطرق المؤدية إلى الخلاص كثيرة ومتنوعى , فأخرج من ديرك وأهجر بلاد شبابك , كإبراهيم جديد
(1) إمضى إلى البقعة الجديدة التى سيدلك الرب عليها , وينبغى أن تكمل مسيرتك فإعتزل فى أحد الأديرة بشاطئ الأردن ..
(2) " وعندما أمره بالانتقال إلى الدير القريب من الأردن فقام ومضي إليه فوجد فيه شيوخا قديسين وأستقبله مدبر الدير وقد كان للثوب البالى الذى يلبسه القس ذوسيما اثره فى قبوله فى وسط هؤلاء الرهبان وسأله قائلاً : " من أين اتيت أيها الأخ ؟ ولماذا نزلت لتسكن وسط مساكين مثلنا ؟ "
فأجاب : " لا يهم من أين أتيت ؟ .. لأنى هدفى هو أمر واحد ألا وهو التقدم فى الكمال والحصول على الفضيلة , لقد سمعت كثيراً من المديح يتردد عنكم فأسرعت للمجئ إليكم حتى أكتسب الفضائل التى وصلتم إليها "
ورد رئيس الدير : " أن الرب وحده يعرف بؤسنا , سيعلمك كما يعلمنا أيها الأخ .. سيقودك فى الطريق الذى ينبغى لك ان تتبعه كيما تتحقق مشيئاته فيك , وحيث أن محبة الرب قد دفعتك للمجئ وزيارة شيوخ بسطاء مثلنا , فإمكث معنا دون إهتمام بأى شئ آخر , والراعى الصالح قادر تماماً على أن يعولنا كل يوم " ..
وعلى أثر كلماته أتخذ مكانه وسط أخوة الدير القديسين يراقب فضائلهم ويتعلم النمو فى طريق سلم الفضائل الذى نهايته السماء ..
وظل سنوات طويلة كانت هناك أمور عجيبة جديده تذهل عينيه وتفتح قلبه للرب يسوع وصار متواضعاً فقد رأى هؤلاء المساكين يصلون إلى درجات فضيلة لم يكن قد طرقها بعد . .
وكان أسلوب حياة هؤلاء الأخوة فى هذا الدير إلا حياة مع الرب يسوع فى صلاة بالمزامير لم تنقطع , أما التهليل والتسبيح فكانت على الفواه بصورة دائمة مستمرة , وكان يعملون ويأكلون من أعمال ايديهم ولم يحدث أن تحدثوا محادثات فارغة بينهم قط , ولم يكن عندهم إهتمام بالأمور الأرضية بل كان كل واحد يسعى للموت عن جسده وإذلاله وينمى الروح كما سبق أن مات فعلاً عن العالم أما غذائهم الحقيقى فكان المحادثات الروحية ..
وكان هذا هو الغذاء السائد تقريباً لإشباع نفوسهم فقد كانوا يرتوون من النبع الروحى , ولم يزيد طعام الجسد عن كسرة من الخبز وقليل من الملح والماء حتى لا يسقط أحد من الجوع , فتبع زوسيما هذه الحياة الرهبانية القاسية بسرعة تستدعى الإعجاب لنه كان يشتاق غلى حياة الملائكة .
عادة رهبان الأديرة فى الأراضى المقدسة الوحدة والأنعزال فى اللاربعين المقدسة
وعبرت الأيام سريعاً فى عشرة الرب يسوع , وأتت ايام الأربعين المقدسة المباركه , والتى يشتاق إليها العابد ويتهياً للسير مع السيد المسيح حتى أعياد الفصح ..
وكان الدير قريبًا من البرية التي أمضى فيها السيد المسيح الصوم الأربعيني، وكان من عادة هؤلاء الشيوخ القديسين أنهم في أيام الصوم الكبير بعدما يصومون الأسبوع الأول منه ، يتقربون من الأسرار المقدسة أى كان الرهبان يتناولون الأسرار المقدسة بعد قداس الأحد الأول من الصوم , ثم يخرجون من الدير وهم يتلون المزمور السادس والعشرين (المزمور السابع والعشرون حسب طبعة بيروت) وعند نهايته يصلون وبعد أن يبارك عليهم الرئيس يودعون بعضهم بعضا ويتفرقون في براري الأردن يجاهد كل منهم علي حده ولا يعودون إليه إلا يوم أحد الشعانين.
فصار القديس زوسيما يخرج معهم كل عام ويجول في البرية حاملاً بعض المؤونات فى يده وتوغل فى عزلة إلى جبال مؤآب..
(3) فقرر أن يتغرب هناك طوال فترة الصوم المقدس , وسار مدة عشرين يوماً بلا إنقطاع هائما سائحا مسبحاً بالمزامير ورافعاً الصلوات , ولم يكن يتوقف إلا عند مسير الشمس كى يتناول وجبة واحدة من الطعام ثم يتمدد على الأرض بضع ساعات متدثراً بمعطفة .
وأوشك الصوم الكبير على الإنتهاء , فحان وقت العودة , فأمال زوسيما طريقة قليلاً إلى الشرق , وحدث أن شمس النهار فى كبد السماء ترسل أشعتها الحارقة على الرمال حتى كادت الصخور تحترق وتذوب , وحان موعد صلاة المزامير فجثا على ركبتيه وصلى رافعاً عينيه إلى السماء
أبصر شبحًا فظنه في بادئ الأمر شيطانًا جاء ليجربه ورشمه بعلامة الصليب فهذا هو سلاحه ، وأخذ يفكر بوعى أكثر فإن عينه لم تخدعاه , فقد رأى شكلاً بشرياً كان يهيم من ناحية الجنوب , وهذا الطيف المتحرك كان مجرداً من الملابس , وجلده برونزياً , كما لو كانت الشمس قد أحرقته وتحير أهو إنساناً أو مخلوقاً شبه انسان ولكنه تحقق بعد ذلك أنه إنسان. أسرع زوسيما - رغم شيخوخته - نحو هذا المخلوق لكنه كان يجري منه، فكان يصرخ إليه أن يقف.
الصورة الجانبية أيقونة قديمة فى أحد الأديرة الأرثوذكسية فى بلاد الصرب تمثل أحد مناظر حياة القديسة مريم المصرية بينما القديس زوسيما يناولها من الأسرار المقدسة
فتوقف هذا الشبح ودخل في حفرة في الأرض، فتكلم هذا الشخص المجهول وناداه باسمه وقال له أنا امرأة ، إن أردت أن تقدم خدمة لخاطئة فاترك لها رداءك لتستتر به واعطها بركتك . تعجَّب زوسيما لأنها نادته باسمه وترك لها رداءه فوضعته على جسدها وسألته أن يباركها فقد كان كاهنًا ، وزاد عجبه حين علمت بكهنوته
ودارت أسئلة عديدة فى عقله فبعد أن طلب منها أن تباركه وتصلِّي عنه. سألها باسم المسيح أن تعرِّفه شخصيتها ولماذا أتت إلى هذا المكان وكيف استطاعت أن تبقى في هذه البرية الموحشة المخيفة، وكم لها من السنين وكيف تعيش؟ القديسة تروي قصتها بدأت تعترف بخطاياها، وقالت له لا تفزع من خطاياي البشعة بل فيما أنت تسمعني لا تتوقف عن الصلاة لأجلي .
القديسة مريم المصرية القبطية تروى قصتها مع الرب يسوع
وبدأت تروي قصتها. قالت أنها مصرية من الإسكندرية، وقد ولدت بمدينة الإسكندرية نحو سنة 61 ش (345م ) من أبوين مسيحيين . ولما بلغت اثنتي عشرة سنة خدعها عدو البشر . ومنذ سن الثانية عشر بدأ ذهنها يتلوث بالخطية من تأثير الشر الذي كان سائدًا، وما كان يمنعها من ارتكاب الخطية الفعلية إلا الخوف المقترن بالاحترام لوالدها ، لكن ما لبثت أن فقدت أباها ثم أمها فخلا لها الجو وانحدرت إلى مهاوي الخطية الجسدية الدنسة. أسلمت نفسها للملذات مدة سبع عشرة سنة، ولم يكن ذلك عن احتياج سوى إشباع شهواتها.
وفي أحد الأيام وقت الصيف رأت جمعًا من المصريين والليبيين في الميناء متجهين إلى أورشليم لحضور عيد الصليب المقدس، ولم تكن تملك قيمة السفر في إحدى السفن الذاهبة إلى أورشليم، لكنها وجدتها فرصة لإشباع لذاتها مع المسافر وجعلها الشيطان له فخا وشركا فاصطاد بها نفوسا كثيرة لا تحصي ومكثت علي هذه الحال الآثمة سبعة عشر عاما حتى أدركتها محبة الله فرأت قوما ذاهبين إلى بيت المقدس فسافرت معهم وإذ لم يكن معها أجرة سفرها ، أسلمت ذاتها لأصحاب السفينة حتى وصلت إلى بيت المقدس. ونظرت إلى الأب زوسيما بخجلٍ وقالت له: "أنظر يا أبي قساوتي. أنظر عاري. فقد كان الغرض من سفري هو إهلاك النفوس".سافرت مع زمرة من الشبان وحدث ما حدث في الطريق.
وأخيرًا وصل الركب إلى أورشليم وارتكبت شرورًا كثيرة في المدينة المقدسة. أخيرًا حلَّ يوم عيد الصليب واتجهت الجموع إلى كنيسة القيامة وكان الزحام شديدًا، ولما جاء دورها لدخول الكنيسة، وعند عتبتها وجدت رِجلَها وكأنها مُسَمَّرة لا تستطيع أن تحركها وتدخل، وكانت هناك قوة خفية تمنعها من الدخول، وكررت المحاولة أكثر من مرة دون جدوى.